البيان الختامي للخلوة الروحية السنوية للاساقفة الموارنة في بكركي: تشديد على ضرورة الالتفاف حول الرئيس والتواصل والتفاهم بالعمق
أصدر الاساقفة الموارنة بيانهم
الختامي اثر انتهاء خلوتهم الروحية السنوية في بكركي برئاسة البطريرك الماروني
الكاردينال مار نصرالله بطرس صفير.
وقد تلا امين سر البطريركية المونسنيور يوسف طوق البيان وجاء فيه "اجتمع اصحاب
السيادة مطارنة الكنيسة المارونية المقيمون في لبنان والوافدون اليه من ابرشيات
سوريا والاراضي المقدسة ومصر وقبرص واوروبا وكندا والولايات المتحدة الاميركية
والمكسيك والبرازيل والارجنتين، في الصرح البطريركي في بكركي، بدعوة من صاحب
الغبطة والنيافة الكاردينال مار نصرالله بطرس صفير، بطريرك انطاكية وسائر المشرق
الكلي الطوبى، وبرئاسته من مساء الاول حتى السابع من حزيران 2008، وقاموا
برياضتهم الروحية التي دارت تاملاتها حول"صورة الاسقف في الكتاب المقدس والتقليد
الكنسي". وعقدوا مجمعهم السنوي، في جو من الصلاة والتأمل واستلهام الروح القدس،
وتدارسوا المواضيع المدرجة على جدول الاعمال والتي تناولت خصوصا القضايا الكنسية
والاجتماعية والاقتصادية والوطنية. وفي ختام المجمع اعلنوا ما يأتي:
في الشؤون الكنسية
1- في مستهل الاجتماع اطلع صاحب الغبطة الاباء على الجولة الرسمية والراعوية التي
قام بها السيد البطريرك اخيرا، وشملت دولة قطر، جنوب افريقيا، الولايات المتحدة
الاميركية واسبانيا حيث التقى ملوك وامراء ورؤساء هذه الدول، والامين العام للامم
المتحدة وممثلي الدول الكبرى الخمس. كما جرى له تكريم خاص في جامعة فيلانوفا في
فيلادلفيا ودشن عددا من الكنائس والمراكز الروحية، والتقى العديد من الشخصيات
الدينية والسياسية الكبيرة والفاعلة، مع ابناء رعايا الانتشار والجاليات
اللبنانية والسفراء اللبنانيين والعرب، حاملا معه حيثما حل قضية لبنان وواجب
المحافظة عليه كنموذج فريد في العالم لتلاقي الحضارات والعيش المشترك بين
الاديان. واذ يشكر آباء المجمع الله على الخيور والبركات التي افاضها على ابنائه
بصلوات رأس كنيستهم في هذه الجولة المميزة، ينوهون بالحفاوة الكبرى التي استقبل
بها من قبل رؤساء البلدان التي زارها والرعايا والجاليات اللبنانية، كما يهمهم ان
يؤكدوا بالمناسبة ان الدور الوطني الكبير والتاريخي الذي يقوم به السيد البطريرك،
انما يبغي دائما خدمة لبنان بكل عائلاته الروحية وبجميع ابنائه دون تفرقة او
تمييز.
2- ثم استمع الاباء الى التقارير المقدمة عن الالكيريكيات المارونية وهي مار
مارون - غزير، مار انطونيوس البادواني - كرمسده، سيدة لبنان - واشنطن، مار
اغسطينوس - عين سعادة. وشكروا الله على الجدية والمحبة التي يعيشها القيمون على
هذه المدارس مع طلابها، وعلى الغيرة على الدعوة الكهنوتية، والاستعداد الدائم
للانخراط في خدمة كلمة الله والكنيسة. وتمنوا على المسؤولين في هذه المعاهد
التشديد على الابعاد المسكونية والرسولية والرعوية في التنشئة، وايلاء الانتشار
الماروني الاهتمام الواجب. واثنى الاباء اخيرا على اللجنة الاسقفية التي وضعت
شرعة التنشئة الكهنوتية في الكنيسة المارونية" واخرجتها للتداول، واوصوا المدارس
الاكليريكية استلهامها والعمل بتوجيهاتها في كل ما يتعلق بتنشئة كاهن الغد.
3- وفي ضوء ما للطقوس من دور في تغذية حياة المؤمنين الروحية وصون هويتهم وتراثهم
الكنسي، تابع الاباء باهتمام حثيث موضوع التجديد الطقسي الذي اوكل امره الى
اللجنة البطريركية للشؤون الطقسية. وقد اعربوا عن ارتياحهم للانجازات المتعددة
التي رفعت اليهم هذه السنة، ومنها ربة القداس المعروف بنافور مار بطرس (شرر) الذي
قدم بصيغة رعوية خاصة، وكتاب التراتيل الذي اصبح جاهزا للطبع والاستعمال. ورتبة
التوبة الجماعية التي شجع المؤمنين على الاحتفال بسر التوبة، ورتبة مسحة المرضى.
واطلعوا ايضا على مشاريع اللجنة الطقسية المستقبلية، واملوا في ان يكون في كل
ابرشية لجنة للطقوس في كل ابرشية لجنة للطقوس في سبيل تطوير العمل الليتورجي
واشراك المؤمنين في فوائده الروحية.
4- في سبيل المزيد من التعاون والتفاعل بين الابرشيات المارونية كافة، استمع
الاباء الى تقارير مفصلة عن اوضاع الابرشيات في النطاق البطريركي اولا، ومنها
ابرشية مصر التي تحتفل هذه السنة بيوبيلها المئوي الاول، فباركوا لها ولابنائها
بكل ما تحقق على يد اساقفتها ومعاونيهم خلال هذه المدة التاريخية. ثم اصغوا الى
تقرير عن ابرشية قبرص ووضع الموارنة هناك والانجازات المتعددة التي تحققت في
الاونة الاخيرة بفضل ما يقوم به راعي الابرشية. كما رحبوا بما تقوم به ابرشية
دمشق لانجاز بيت الطلبة المجاور للمطرانية، نظرا للموقع المميز الذي تحتله هذه
الابرشية من جهة، ومن جهة ثانية لكون الكاتدرائية في دمشق مبنية على ذخائر
الطوباويين الشهداء المسابكيين الثلاثة شفعاء كنيستنا. وحيا راعي ابرشية الاراضي
المقدسة الرئيس اللبناني الذي ذكر الجميع، في اول اطلالة له بعد تسلمه منصبه،
بقضية اللبنانيين الذين لجأوا قسرا الى اسرائيل سنة 2000، وكرر سيادته شكره
للبطريركية وللابرشيات التي ساعدته على انقاذ وقفية حيفا من الضياع.
اما رعاة ابرشيات الانتشار في كندا، المكسيك، البرازيل، الارجنتين والولايات
المتحدة، وبعد ان عرض كل منهم اوضاع ابرشيته مع طموحاتها وآمالها واهم انجازاتها،
فقدروا كل التقدير ما جاء في خطاب القسم الرئاسي من ارادة صادقة لاعطاء الهوية
اللبنانية للمغتربين الذين يستحقونها عن حق وحقيق. واذ يضم الاباء جميعا اصواتهم
الى اصوات اساقفة الخارج في شأن اعطاء الهوية للمغتربين وتسهيل عودة اللبنانيين
من اسرائيل، يهم الاباء بأن يذكروا بالمناسبة، بان مؤتمر الشبيبة المارونية
العالمي سينعقد لاول مرة في تموز القادم، في ابرشية استراليا، برئاسة السيد
البطريرك ، قبيل مؤتمر الشبيبة العالمي، وهم يدعون الجميع للصلاة من اجل نجاحه.
في الشؤون الاجتماعية والاقتصادية
5- اعار الاباء هذه السنة الشان الاجتماعي والاقتصادي اهمية خاصة، لذلك ارادوا ان
تنعقد الجمعية العمومية للمؤسسة الاجتماعية المارونية ، اثناء الرياضة الروحية،
باعضائها المؤسسيين والمنتسبين، فاستمعوا الى التقارير التي تتحدث عن انجازات
المؤسسة، واثنوا بالاخص على العمل الذي تحقق لتاريخه، وهو تأمين المسكن لحوالى
1660 عائلة، وذلك بالحد الادنى الممكن من الكلفة المادية.
6- وانتقل الاباء بعد ذلك الى تقارير الهيئة الاقتصادية، العليا، واطلعوا على
البرامج المعلوماتية الحديثة المعدة للاوقاف والاملاك الكنسية. ثم استمعوا من
الهيئة الى تصورها للخيارات الاستراتيجية الكبرى، التي تسعى للمحافظة على الارض ،
وايجاد التنمية المتوازنة، وتطوير ذهنية جديدة للعمل معا، ووضع خطط عمل تتضمن
التعاون والتعاضد للوصول الى التنمية الشاملة. وفي الختام وضعت الهيئة امكانياتها
لتوفير الاستشارات اللازمة والسليمة بخصوص تنظيم العقود واعلنت انها بصدد الاعداد
لدورات تثقيف وتدريب للقيمين على ادارة الاملاك والاوقاف الكنسية.
في الشؤون الوطنية
7- يتوجه اباء المجمع بالتهنئة الحارة الى فخامة العماد ميشال سليمان لانتخابه
رئيسا للجمهورية لما يتحلى به من صفات وطنية رفيعة اهلته لاجماع القادة عليه
والمواطنين. وبانتخابه تأمنت المصلحة العليا واحترم الدستور وملىء الفراغ من قبل
شخصية وفاقية موثوق بها، تضمن وهج الرئاسة، والمحافظة على دورها، ليبقى الرئيس
الحكم والمرجع ورمز وحدة البلاد، والمؤتمن الاول على الارض والشعب. وهم يثنون كل
الثناء على خطاب القسم الذي يرون فيه برنامجا وطنيا طموحا، صالحا للحكم، ويتضمن
الكثير من التوجهات الانسانية، بالاضافة الى النواحي الاقتصادية والاجتماعية
والوطنية، مما يؤسس مجددا لشراكة حقيقية في ادارة شؤون البلاد، ويعزز الشفافية في
الحكم، وسيادة الوطن على ارضه، وحريته واستقلاله، ويهيء لاطيب العلاقات مع
الاشقاء والدول الصديقة، ويحافظ على رسالة لبنان الفريدة والرائدة في محيطه
والعالم.
8- ويشكر الاباء جزيل الشكر كل الدول الشقيقة والصديقة التي أسهمت في حل الازمة
اللبنانية، وخصوصا دولة قطر، اميرا وحكومة وشعبا، وجامعة الدول العربية وامينها
العام، والوزراء المعنيين بالمبادرة العربية الاخيرة، التي كلفت بمساعدة لبنان،
وعلى الجهود التي بذلوها لانجاح الحوار اللبناني، وصولا الى تدعيم الوفاق الوطني.
وهم ياملون بأن يحافظ اتفاق الدوحة على ديناميته فينتقل اللبنانيون الى المصالحة
الكاملة، بعد ان اهتزت، في الاشهر الماضية، الصيغة التي ارتضوها لتنظيم عيشهم
المشترك، وتعرضت للانتكاس بفعل المشادات الكلامية الحادة، والمناظرات السياسية
العقيمة التي ادت، مع الاسف الشديد، الى اللجوء الى العنف والاحتكام الى السلاح.
9- فاللبنانيون بحاجة اليوم الى ان يلتفوا كلهم حول رئيسهم الجديد، وينتقلوا فعلا
من التشنج وانعدام الثقة فيما بينهم، الى التواصل الاخوي والتفاهم بالعمق، فيسود
منطق الحوار والروح الديموقراطية الصحيحة وتقبل الاخر المختلف ، ليعملوا معا على
قيام الدولة العادلة بجميع مؤسساتها، وعلى بناء السلم الاجتماعي، والاهتمام
بالفئات الاكثر حاجة، فينعموا جميعا بالامن والاستقرار والازدهار، ويبقى الشباب
في وطنهم، ويرتاح الجميع الى ضمان مستقبلهم في ارض الاباء والاجداد.
10- وفي الختام، اذ يحمد الاباء الله على انه اتاح لهم ان يجتمعوا في لبنان،
للصلاة والتأمل والتفكير، وعرض بعض الاوضاع الكنسية والوطنية، فانهم يهيبون
بأبنائهم الموارنة في لبنان وفي بلدان الشرق وفي دنيا الانتشار، ان يتمسكوا بتراث
الاباء والاجدا، وهو تراث انفتاح وانسانية وقداسة، وان يعملوا لحضارة المحبة عبر
تعزيز التلاقي والحوار والتفاهم، وان يبقوا في وسط مجتمعاتهم علامة لحضور الله،
ويدا لخدمة الانسان. ويسعد الاباء ان يذكروا ابناءهم وجميع المسيحيين بان السنة
المكرسة لمار بولس تبدأ في 28 حزيران الجاري، وهم يتمنون عليهم، بهذه المناسبة،
ان يعودوا الى كتابات هذا الرسول العظيم، والتأمل بسيرته والتماس شفاعته.
وهم اذ يدعون جميع اللبنانيين، لان يوحدوا الصفوف ويتجنبوا التفرقة، ويتسابقوا
لايجاد الحلول لمشاكلهم الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، يسألون الله معهم ان
يوفق فخامة رئيس الجمهورية وجميع القادة السياسيين لما فيه خير البلاد والعباد.
ويهمهم اخيرا ان يدعوا جميع ابناء الوطن للاحتفال معا بتطويب الاب يعقوب حداد
الكبوشي، رسول الرحمة والمحبة والوحدة، في 22 حزيران الجاري، في مسيرة ايمانية
مشتركة، تتويجا للوحدة الوطنية ، وانطلاقا لعهد جديد من المصالحة والاخوة والسلام